صعوبة تطبيق بعض مقتضيات الميثاق الجماعي من خلال مستجداته: قراءة سياسية وقانونية في قانون 17.08
مــــــــــقدمة وتقديم
يعتبر موضوع الشأن المحلي من المواضيع التي أثيرت في الماضي، وتثار في الحاضر، وبدون شك ستثار في المستقبل، وذلك لما له من أهمية وارتباط بانتظارات الساكنة المحلية وحياتها المعيشية المتنوعة.
فالتسيير الجماعي يعتبر الإطار المناسب، والركيزة الأساسية للتطور والتنمية والتقدم، سواء تعلق الأمر بالتنمية الديمقراطية، أو بالنسبة للتنمية في المجالات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ذلك أنه إذا كانت المقاربات التصورية على مستوى الحكم المحلي ترتكز نظريا على تسيير الشأن المحلي في إطار الجماعة بهدف ترسيخ سياسة القرب، فإن هذا التصور النظري، بإنزاله إلى أرض الواقع، يعني الوقوف ميدانيا على حاجيات المواطنين المعيشية اليومية المختلفة.
وتبعا لذلك، فإن مضمون هذه المقالة سيتناول بعض جوانب الميثاق الجماعي الجديد ( قانون 17.08 )[1]، كمساهمة في النقاش العمومي حول تنظيم الشأن المحلي ببلادنا. و أتمنى أن يكون إسهاما ينضاف إلى إسهامات أخرى، وقد اخترت لها العنوان التالي: '' صعوبة تطبيق بعض مقتضيات الميثاق الجماعي الجديد من خلال مستجداته ( قراءة سياسية وقانونية)
فعلى الرغم من أن " الميثاق الجماعي الجديد " لم تمر سنة وبضع شهورعلى تطبيقه، أي رغم قصر المدة، فإن قراءة سريعة مجملة لبعض مفاهيمه وبنوده، باستحضار الاختلالات السابقة والتشخيص الأولي للتجربة، ستمكننا من رصد بعض معالم الخلل القديمة والمستمرة، ومن الوقوف كذلك عند صعوبة تطبيق بعض مقتضياته الجديدة.
لذا، سنقتصر في هذه المقالة على بعض نواقص الميثاق كمفاهيم أو كنصوص، في انتظار تفعيل أو تعديل بعض المقتضيات التي تحتاج للتعديل سواء بالتفسير، أوبالزيادة، أو بالحذف.
فما هو السياق العام الذي ميز مراجعة " الميثاق الجماعي " هذه المرة؟ وما هي أهم مستجداته؟ وهل جاءت هذه المستجدات لتمكن فعلا المجالس الجماعية من صلاحيات حقيقية وواسعة في التقرير، وترفع ضغط الوصاية عنها لمسايرة المفاهيم الجديدة التي أفرزتها الساحة السياسية الوطنية والدولية حول المفهوم الجديد للسلطة والمسؤولية، والحكامة المحلية، والتنمية المندمجة والمستدامة، وتخليق الحياة السياسية في تدبير الشأن المحلي، ومقاربة النوع، والتخطيط التشاركي والتنمية البشرية...؟ أم أنها جاءت لتحقيق أهداف ظرفية وتقنية تتعلق أساسا بالتحكم في الخريطة السياسية كما جرت العادة على مستوى الانتخابات وطبيعة الأغلبيات التي يجب أن تحكم المجالس الجماعية؟ مما يعني أن النقاش حول موضوع " الميثاق الجماعي " المؤطر للحكم المحلي بغية الوقوف عند الاختلالات العملية للتدبير الجماعي لا زال قائما، وبالتالي كل ما تحقق مجرد تاكتيك وليس استراتيجة؟ وأن فكرة التدبير الديموقراطي المحلي نظريا لا زالت بعيدة المنال عمليا، وأن الاستعداد للدخول في تجربة الحكم الجهوي لم تنضج بعد؟
ما هي أهم الصعوبات والعوائق التي اعترت الميثاق الجماعي في صيغته الجديدة وتحتاج إلى التوضيح والتحديد والتدقيق؟
إن محاولتي الإجابة عن هذه التساؤلات ستكون كما أشرت من خلال قراءتين سريعتين: سياسية وقانونية.
فالقراءة السياسية تسمح لنا بمعرفة السياق العام لتعديل " الميثاق الجماعي "ودواعي المراجعة، ضمن محيطه العام ومدى صلابة المرجعية والأرضية التي استند إليها كما تتيح لنا فرصة مناقشة بعض المفاهيم المتضمنة في الميثاق الجماعي، ومدى إمكانية استيعابها من طرف المجالس الجماعية والمساهمين في تدبير الشأن المحلي، وشركاء التنمية المحلية بشكل عام، لننهي المقاربة السياسية بتقديم بعض النماذج التي يطمح المشرع إلى إنجاحها كأدوات تنموية من القاعدة، ويراهن المجتمع المحلي على توظيفها في التنمية المحلية، كرهان إدماج النوع الاجتماعي في التنمية المحلية، وآلية الشراكة التي يمكن أن تلجأ إليها الجماعات المحلية للوقوف عند حقيقة العوائق العملية التي تعتريها في التطبيق، وهذا موضوع المحور الأول ( سياق المراجعة ) و الثاني ( بعض المفاهيم الصعبة التطبيق ) ، أما القراءة القانونية فتسمح لنا بالوقوف عند بعض المقتضيات التي تحتاج إلى المراجعة، نظرا لما يعتريها من نقص وغموض، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفصل بين السياسي والقانوني هنا، هو لأسباب منهجية فقط، أملته علينا اعتبارات خاصة، فالعلاقة بين المقتربين، السياسي والقانوني متداخلة، لا يمكن الفصل بينها، إلا أن القانوني يسعى إلى تحديد ما يجب أن يكون، والسياسي يهتم بما هو كائن، وبتركيبنا للعلاقة الجدلية بين المقتربين( ما هو كائن وما يجب أن يكون )، نصل إلى تقييم عام لما تحقق وما لم يتحقق في المحور الثالث (بعض بنود الميثاق التي تحتاج للمراجعة )، وتبعا لذلك، فإن الخطوط العريضة لهاتين القراءتين: السياسية والقانونية ستكون على الشكل التالي:
المحور الأول: السياق العام للمراجعة ومضمونها
المحور الثاني: غموض بعض المفاهيم النظرية وعوائق تطبيقها العملية
المحور الأول: السياق العام للمراجعة ومضمونها
أولا : التحضير للميثاق الجماعي الجديد ( قانون 17.08 ) ضمن سياقه العام ومواقف الأطراف المعنية منه
السياق العام الذي جاء فيه الميثاق الجماعي الجديد لا يمكن فصله عن الميثاق السابق 2002، الذي لم يعمر طويلا، وقصر مدته تحتاج إلى تقييم موضوعي ودقيق وشامل لمكامن الخلل لتجربة ست سنوات من الممارسة، واستحضار، كذلك، مدى نجاح أو فشل التجربة على صعيد مختلف الجماعات المحلية.
إذ بمجرد دخول الميثاق المعدل حينها إلى حيز التطبيق، بدأ الحديث عن الانتقادات والسلبيات، لأنه ربما كان يحمل معه بعض بواعث الانتقاد، وذلك حتى من طرف السلطات العليا في الدولة، بل إن مبادرة المراجعة لهذا الميثاق بدأ يثيرها الخطاب الملكي مباشرة من خلال وقوف الملك الميداني على تطبيق التجربة وهي في بداية عهدها، إلا أنه ومع تلك الصعوبات مكن رصد المعالم الكبرى لهذا السياق من خلال خطاب المؤسسة الملكية، ومن خلال تصور الوزارة الوصية، ومن خلال الفعاليات السياسية والحقوقية ومبادرات المجتمع المدني .
فمختلف هذه المواقف هي بمثابة عمليات تحضيرية واستعدادات سابقة على الظهور القانوني للميثاق الجماعي الجديد، لعل رصد مواقفها يساعد على فهم السياق العام للقانون الجديد، بل قد يساعد في فهم وشرح بعض مضامينه.
1- سياق المراجعة
السياق جاء بتوسيع المشاورات واللقاءات، والاستماع إلى تقرير التنمية البشرية، والمبادرة الملكية للتنمية البشرية، كما تم التركيز على مفاهيم جديدة في مقاربة الشأن المحلي مثل: الحكامة – الشراكة - مقاربة النوع – العنصر البشري..
لأول مرة تم توسيع الاستشارات مع مختلف المكونات، خطاب ملكي توجيهي ولقاءات تشاورية لممثلي الداخلية، وندوات ولقاءات وأيام دراسية، وطنية وجهوية، وهذا في حد ذاته مكسب، أي فتح النقاش العمومي وإشراك المجتمع المدني، وأسميه بالأعمال التحضيرية التي تعتبر من بين أهم أسباب نجاح أي مشروع، بل هي الطريقة والصيغة التي اعتمدتها أوروبا في تقدمها وتطورها ( التشاور)، هذا التوسيع المكثف للمشاورات لتعديل الميثاق قبل إنهاء الولاية لمدتها يعكس الأهمية والدور الجديد للجماعات كرافدة للتنمية، سواء من خلال تطوير نصوص قديمة، أو من خلال إضافات ومفاهيم جديدة لم يستوعبها المنتخب المحلي بعد، وخاصة في الجماعات القروية.
عموما، ما ميز المراجعة هذه المرة هو :
- تزامن النقاش حول مراجعة الميثاق الجماعي بإعلان المغرب طرح الحكم الذاتي كخيار سياسي وحل نهائي للنزاع المفتعل بالصحراء.
- الاستشارة الموسعة[2] بغض النظر عن مدى الأخذ باقتراح المجتمع المدني.
- الاعتراف رسميا بأن التنمية المحلية والوطنية لا يمكن أن تتحقق بدون إشراك المجتمع المدني والساكنة ومختلف الفاعلين المعنيين، ويمكن أن نسميه بفشل الديمقراطية بالمعنى التمثيلي، وضرورة دعمها بالديمقراطية التشاركية.
- أما الهدف فهو الدفع بالسكان إلى تحمل المسؤولية من جهة والتأكيد على دور المجالس المحلية في التنمية.
2- مواقف الأطراف المعنية
بالنسبة لمواقف الأطراف المعنية بالميثاق، كان إجمالا لصالح هذا الأخير.
- الوزارة الوصية اعتبرت مشروع القانون حينها " من أهم المشاريع التي تهدف إلى تحديث الترسانة القانونية المنظمة لتدبير الشأن المحلي، لما لهذا التعديل من انعكاس على منظومة التدبير الجماعي ببلادنا ". وتندرج في سياق تصور شمولي يرتكز على توفير آليات تجعل من المنتخبين بالمجالس المحلية فاعلين أساسيين في وضع مخططات للتنمية المحلية، وإدارة محلية تتوفر على موارد بشرية مؤهلة وموارد مالية كافية لتقديم الخدمات الضرورية للسكان .
_ وفي نفس درب الداخلية سارت الأغلبية. ولدى مناقشتها للمشروع، أكدت فرقها على أن هذا الأخير يندرج في سياق الإصلاحات التي تعرفها المنظومة التشريعية والمؤسساتية المتعلقة بالعمل الجماعي في إطار تعزيز الديمقراطية المحلية وتحيين وملاءمة القوانين والمقتضيات مع مستلزمات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى المحلي.
وأضافت الفرق أن هذا النص جاء تكريسا للامركزية، وإقرارا للديمقراطية المحلية بما يسمح بتوفير البنيات الأساسية والمرافق المحلية وتقديم الخدمات اليومية للمواطنين[3] .
وفي نفس الإطار، سجلت فرق المعارضة أهمية هذا المشروع وكذا أهمية التعديلات الشكلية والموضوعية التي لحقته، مؤكدة أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه نظام اللامركزية تقتضي تأهيل الميثاق الجماعي عبر تأهيل الموارد المادية والبشرية.
وشددت المعارضة على ضرورة تطوير التشريعات الوطنية وتقريبها من نظيراتها الغربية، بحكم الوضع المتقدم الذي يحظى به المغرب حيال الاتحاد الأوربي.
وثمنت المعارضة الإصلاحات التي جاء بها المشروع لتقوية اللامركزية، خاصة من خلال إصلاح الجهازين: التنفيذي والتداولي للجماعة، مشيرة بالمقابل إلى ضرورة تدارك بعض الاختلالات التي تعترض تسيير مجالس المقاطعات، خاصة بالمدن الكبرى .
وقد تراوح موقف المجتمع المدني عبر لقاءاته وندواته ما بين التحفظ والتأييد لهذا المشروع ليخرج في حلته الجديدة.
فما هو مضمون المراجعة؟
ثانيا: مضامين المراجعة
تشمل عدة مجالات أهمها يتمثل في :
- الحكامة: وخاصة فيما يتعلق بالحكامة في توزيع الاختصاصات بين المجلس الجماعي ورئيسه، وهيمنة المهام الإدارية والروتينية على حساب التدبير الاستراتيجي لمصالح الجماعة، والمشاكل الناجمة عن تدبير الجماعات التي يطبق فيها نظام المقاطعات.
- ضعف فعالية الإدارة المحلية: وذلك بسبب افتقار أغلب الجماعات لطاقم إداري يمكن الاعتماد عليه في إعداد وتنفيذ القرارات.
- ثقل الوصاية وتعقيد مساطر اتخاذ القرارات: تمثل المساطر المتعلقة بممارسة الوصاية عائقا رئيسيا لتطوير أداء الجماعات المحلية والتي تتعدد مستوياتها وأجهزتها, كما يدخل في هذا الإطار الجوانب المرتبطة بتعقيد الإجراءات المسطرية التي لا تساعد على التعجيل باتخاذ القرارات وتنفيذها.
- طرق تدبير المرافق العمومية المحلية: إنها إشكالية حقيقية أفرزتها الممارسة، فالتشخيص الأولي لعدد من الجماعات المحلية أظهر عدم الانسجام في تدبير المرافق العمومية والنمو الحضري، وذلك بسبب غياب الضوابط الضرورية لضمان حسن التنسيق بين الشركاء والمتدخلين في تسيير المرافق العمومية المحلية والمراقبة الفعالة لأنشطتهم، فهذه أصبحت إشكالية حقيقية وعائقا أمام تطور ونمو العديد من الجماعات، ومن بين أهم القضايا المطروحة على مجالسها، وأحيانا المعروضة على أنظار المحاكم.
كما أن غياب إطار قانوني واضح يتيح للقطاع الخاص نسج علاقة شراكة مع الجماعات المحلية، كان أحد أسباب ضعف المرافق العمومية المحلية وهو ما حاول الميثاق الجديد تداركه ولو بشكل جزئي.
- عدم استجابة القوانين المنظمة للممتلكات الجماعية للتدبير السليم: ذلك أن أغلب القوانين التي تنظم الممتلكات الجماعية قديمة ومشتتة ولا توفر الحماية اللازمة للممتلكات العامة المحلية، ولا تستجيب للحاجيات الملحة لتدبيرها بشكل سليم.
فتصبح الجماعات المحلية كما يسميها البعض عبارة عن معدة يهضم فيها من لا يهضم.
أي أن النتيجة هي إهدار أموال الجماعات وإغراقها في المديونية. وبناء على ما تم تشخيصه من اختلالات وإشكاليات تحد من السير قدما في تطوير تجربة اللامركزية.
هذه أهم نقط الضعف التي حاول الميثاق الجماعي الجديد التصدي لها وإن بشكل متفاوت.
ثالثا: مقتضيات مستبعدة أو غامضة
بقيت بعض المقتضيات إما مستبعدة وعالقة لم يتم الاستجابة إليها، أو أنتجتها المستجدات وتحتاج للتوضيح أو التعديل بالزيادة أو الحذف، وسنورد بعضا مما ينبغي تصحيحه وتعديله لاحقا[4].المحور الثاني: غموض بعض المفاهيم النظرية وعوائق تطبيقها العملية
تعود صعوبة تطبيق بعض المفاهيم، إما لعموميتها أو لسوء استعمالها أو لصعوبة فهمها. وذلك راجع إلى التركيز منذ الوهلة الأولى لصدور الميثاق الجماعي على نصوصه دون مفاهيمه، ولم يتم التنبيه إلى أن فلسفة تنظيم الشأن المحلي تتم على أساس تعاقدي ( الميثاق كمفهوم سياسي وقانوني) وليس بالارتكاز فقط على الميثاق كتنظيم قانوني.
أعتقد أنه حان الوقت لكي نتعامل مع الميثاق الجماعي كمفاهيم، وليس فقط كنصوص. صحيح أن النصوص لم تفقد قيمتها، إلا أنه بدون استحضار المفاهيم تفقد تلك النصوص معناها، وإلا لماذا الحديث عن الديمقراطية – الحكامة المحلية – التشارك الشأن المحلي – مقاربة النوع، وحتى سياق مراجعة الميثاق انبنت على عدة مفاهيم ومقاربات: تجانس الأغلبية – التخطيط التشاركي...الفصل بين السياسي والإداري، الجماعة المقاولة، بل يحق لنا أن نتساءل لماذا سمي ظهير 30 شتنبر 1976 بالميثاق، خاصة وأنه جاء بعد سنة من تنظيم المسيرة الخضراء، هذا الطرح سيفرض نفسه، وعلينا أن نستعد له قبل فوات الأوان، ماذا لو تم قبول اقتراح الحكم الذاتي الموسع؟ هل سنبقي على الميثاق الجماعي كما هو؟ ألا يصبح هذا الجلباب الجماعي ضيقا لاستيعاب إخوانه الآخرين؟ إن المطلوب هو التفكير محليا للعمل عالميا، والتفكير عالميا للعمل محليا.
يتضمن الميثاق الجماعي كثيرا من المفاهيم: منها ما هو تقليدي، ومنها ما هو مستحدث، ومنها ما هو مرتبط بتطوير المقتضيات القديمة في صيغة جديدة مثل: الديمقراطية المحلية - التشارك – الحكامة - مقاربة النوع – التخطيط التشاركي ... لا زالت غامضة بالنسبة لأغلب الجماعات القروية على الخصوص، بل حتى في الجامعات ومراكز البحث العلمي لم تحل ألغازها بعد بما يكفي، رغم أنها أصبحت شائعة الاستعمال لفظا لا معنى. ولا يلم بها سوى المهتمين من الباحثين والممارسين. نحن لا نقول الجهل التام بهذه المفاهيم من طرف الجميع، ولكنها لا زالت مفاهيم للاستئناس، كما صرح أحد الموظفين المسؤولين الجماعيين، في انتظار تفعيلها مستقبلا وبالتدريج. كما أن حظوظ تطبيقها تتراوح ما بين الإمكانية والصعوبة والاستحالة حسب نوعية المرشحين ومستواهم المعرفي، وطبيعة الجماعات وطبيعة الأغلبيات، والعقليات، ودرجة القرب أو البعد من السلطة، والمصلحة العامة، هذه الأدوات بلا شك أصبحت ضرورية لا يمكن التراجع عنها، بحيث لا يمكن الرجوع إلى الوراء، لكن المطلوب هو تبسيطها والعمل على التوعية بأهميتها عبر مختلف وسائل التواصل والتوعية المتاحة ليتم استيعابها بالتدريج، أما في الوقت الحاضر فلا زال أغلبها للاستئناس منها: الديمقراطية والوصاية، والتعاون، والشراكة، والمخطط الجماعي، ومقاربة النوع، وشرط الحد الأدنى من المعرفة.
وسأتناول بعضا من هذه المفاهيم في النقط الموالية.
1- المقتضى الديمقراطي: ويتجلى في النظرة التي نختزلها عن الديمقراطية المحلية. فبالرجوع إلى الدستور، وإلى الخطاب السياسي وتصريحات القادة والمسؤولين، والباحثين، والفاعلين، وحتى في بعض بنود الميثاق الجماعي نجد الكل متفق على كون الجماعات المحلية مؤسسة ديمقراطية. ولا أعني هنا مناقشة الأمور التفصيلية والتسييريةن فقد يكون فعلا بعضها ديمقراطيا، والآخر غير كذلك، ولكن أطرح المسألة من حيث المفهوم والمبدأ.
بعبارة أوضح، الدستور ينص على الجماعات المحلية كآلية لكي يسير المواطنون شؤونهم من خلالها بشكل ديمقراطي[5]، وذلك بانتخاب من يمثلهم في تلك المجالس، لكن في الواقع لا نجد مواكبة ميدانية لهذا التنصيص.
رغم التنصيص الدستوري فإن صلاحيات الجماعات المحلية لا يمكنها أن تتعدى في جميع الأحوال (وأسطر هنا على جميع الأحوال) الصلاحيات السياسية، إنه تناقض بين تسيير الشأن المحلي من طرف السكان، لأن كلمة تسيير شؤونهم بأنفسهم تعني بشكل صريح ممارسة الصلاحيات السياسية، أي: اتخاذ القرار السياسي المحلي، وبين كلمة الديمقراطية المحلية التي هي كلمة سياسية بلا شك.
يمنع عليها النظر في الأمور السياسية، بينما نتحدث عن إصلاح الانتخابات المحلية، ودعم المرشح، ومقاربة النوع، والمرأة، والتنمية، والشراكة، والتشارك، واختصاص الجماعات في وضع مخططات تنموية، وإمكانية الرئيس في أن يكون له ديوان ومكلف بمهمة... ألا تعتبر هذه المجالات اهتمامات سياسية، فكيف تتشكل المجالس المحلية إذا لم تكن هناك أحزاب سياسية متنافسة، وتقطيع انتخابي للتراب، وتسجيل للسكان، وتحديد قوائم انتخابية، ووضع بطاقات للناخب، وتخصيص يوم للاقتراع من أجل المشاركة السياسية للمواطنين في اختيار من يمثلهم في المجالس الجماعية، عبر الإدلاء بأصواتهم بكل حرية، ألا تعتبر هذه العمليات سياسية؟ كيف يمكن للمجالس الجماعية أن تضع مخططات بدون أن تكون لها رؤية وتصور سياسيين؟ ألا يعتبر الميثاق الجماعي في حد ذاته وثيقة سياسية، وهذه التسمية لا زالت هي المعمول بها منذ ظهير 30شتننبر 1976، وأن ما عرفه الميثاق الأصلي من تعديلات هو مجرد مراجعات قانونية؟ أو يجب أن نفهم بأن أهمية التنصيص الدستوري والقانوني للجماعات المحلية لا تستتبعه بالضرورة نفس الأهمية على أرض الواقع؟
إننا نعتقد أنه يجب إعادة النظر في طبيعة المنع السياسي، وذلك بإدخال إصلاح عميق على قوانين الجماعات المحلية لتقرر في مصيرها بنوع من الاستقلالية، ولكن، قبل ذلك لا بد من التأهيل الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والثقافي. والحل هنا يتجلى في دعم الجهوية الموسعة، كما جاء في الخطاب الملكي الاستباقي لتطلعات الحكم المحلي. ولكن، هذه الاستقلالية لا ينبغي أن تؤدي إلى تنكر الدولة لوحداتها طبعا، خاصة بالنسبة للجماعات الفقيرة، فالتكامل هو المطلوب، والوحدة هي المنشودة ضمن منظور تنموي شمولي يراعي الخصوصيات ويقوي الوحدة.
2- المقتضيات المتعلقة بالوصاية: المقصود بالوصاية ضمان نجاعة حسن التسيير، والحرص على تطبيق القانون، وعدم الخروج عن مقتضياته، وذلك باتخاذ مجموعة من الإجراءات، وإتباع عدة مساطر، والتي ينبغي أن تكون كذلك طبقا للقانون، بل ينبغي أن تنبني على الموازنة بين الحقوق والمسؤوليات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين الدولة ووحداتها المكونة لهان أي: الجماعات المحلية، بدل الاقتصار على الوصاية التقليدية وحدها: الرئيس والمرؤوس.
لكن الوصاية المبالغ فيها، أو غير الدقيقة تحمل بين طياتها ترجيح كفة على أخرى، وهي عبء ثقيل يرهق كتف المجالس الجماعية، لذا حولتها أوربا إلى الوصاية البعدية، ومن المفترض فيها العمل على تقويم السلوكات المختلة للمسؤولين المحليين، ومواكبة العمل الجماعي، وذلك على أساس - تصريح وزير الداخلية نفسه شكيب بن موسى - مقاربة يحل فيها منطق الدولة المواكبة محل منطق الإدارة الوصية، والانتقال من المقاربة القطاعية لتدخل مصالح الدولة فوق تراب الجماعات، إلى المقاربة التعاقدية والتشاورية حول مشاريع مندمجة. إلا أن بعض السلطات المحلية تستعملها كآلية للاستغلال السلبي والابتزاز أحيانا في تناقض مع القانون والخطاب الملكي، سواء في خطاب الملك محمد السادس، أو في خطاب الملك الراحل الحسن الثاني الذي قال في إحدى المناسبات: " يجب حذف مصطلح الوصاية من قاموسنا "، والمسؤولون المباشرون هنا هم الولاة والعمال بعد نقل وصاية الدولة على الجماعات المحلية إلى هؤلاء، وهذا الموضوع كان محط نقاش في عدة مناسبات، منها الملتقى الوطني للجماعات المحلية بأكدير في 12 دجنبر 2006 .
وبهذا المعنى، يصبح للوصاية تأثير سلبي على تنمية الجماعات المحلية، أي في ظل علاقات غير سليمة وغير شفافة وغير ديمقراطية، تبدد الثقة بين المنتخبين والسلطات المحلية.
فالمطلوب هو التطبيق السليم لقواعد الوصاية بما يخدم التنمية المحلية والساكنة، وليس بتوظيفها عصا في عجلة، والوصاية المقصودة هي الوصاية بأبعادها القانونية والإدارية والمالية[6]، التي ينبغي أن تمارس بهدف الحفاظ على المصلحة العامة للساكنة المحلية والوقوف ضد أي خلل يعرقل السير العادي للمجالس الجماعية، أو يخرق القانون، إنها في الحقيقة سلطة المواكبة والمحاسبة.
3- المقتضيات المتعلقة بمخطط التنمية المحلية للجماعة: على خلاف المخططات الجماعية السابقة التي كانت تتم انسجاما مع المخطط الوطني فإن المشرع في القانون الجديد ذكرها بدون تعريف "يدرس المجلس الجماعي ويصوت على مشروع مخطط جماعي للتنمية .."[7] مما يعني تكريس استقلالية المجالس الجماعية في اعتماد مخططاتها إلزاميا طبقا لخصوصياتها المحلية لمدة ست سنوات مقسمة على مرحلتين، إلا أن ضعف الممارسة في وضع المخططات الجماعية لأغلب الجماعات زمن الاختيار، كان أحد أسباب جهل أغلب رؤساء الجماعات المحلية وخاصة القروية المحلية بآليات صياغة المخطط الجماعي والتدابير المتخذة لإخراجه إلى حيز الوجود.
المخطط الجماعي يعتبر وثيقة تحدد مؤشرات التنمية على المستوى المحلي خلال فترة الانتداب الانتخابي. ومن خلاله يتم رسم مسار التنمية داخل أية جماعة محلية، من خلال تعيين فريق برئاسة رئيس المجلس وتنسيق الكاتب العام ( الذي يساعد الرئيس في إعداد وتنفيذ قراراته) بتبني مقاربة تشاركية ( الجماعة والمصالح الخارجية للوزارات المعنية كوكالة التنمية الاجتماعية والمجتمع المدني والجمعيات والسكان ) قصد التشخيص الدقيق لإمكانياتها الذاتية ومؤهلاتها القابلة للاستثمار، وتحديد الحالة ونقط الضعف والقوة والإكراهات التي تعوق تطورها، ثم مرحلة التخطيط والانسجام، وتقديم النتائج للسكان، بالإضافة إلى استعراض المقاربات الممكنة لتأهيل هذه الوحدة الترابية، ليتم بعد ذلك عرضه على أنظار المجلس للدراسة والمناقشة والمصادقة عليه. هذه الأمور لا يمكن استيعابها عمليا بسهولة من طرف المجالس التي تفتقد إلى الموارد البشرية اللازمة، أي مشروع يتطلب اعتمادا ماليا وبشريا، وإلا مآله الفشل.
فرغم محاولات السلطات عقد لقاءات مع رؤساء الجماعات المحلية لتعريفهم بطريقة إعداده، وآليات إجرائه وصياغته، فإن أغلب الجماعات لم تستوعبه لأسباب ذاتية وموضوعية، وفي أحسن الأحوال استطاعت بعض الجماعات أن تقدم تصورا أوليا لمخططها، بعد مرور أكثر من سنة وثلاثة أشهر على دخول الميثاق الجماعي حيز التطبيق، وذلك إما بتدخل مديرية الجماعات المحلية، (ولست متأكدا من درجة هذا التدخل، ومدى شرعيته وطبيعة الجماعات المعنية)، أو بتعاون مع الشركاء المعنيين، وخاصة وكالة التنمية الاجتماعية، كمساعد ومصاحب للتشخيص وتحديد الأولويات، قبل الدراسة والمصادقة من طرف المجلس، بينما لا زالت جماعات أخرى بلا برنامج ولا تصور مستقلين.
ولندلل على ما سبق بالتساؤل عن عدد الجماعات التي استطاعت أن تضع مخططها التنموي، والجماعات المهددة بالمتابعة أمام سلطات الوصاية المالية والإدارية، إذا لم تتمكن من وضع مخططاتها التنموية المحلية داخل الآجال القانوني؟
لا نتوفر على معطيات محينة في هذا الشأن، ولكن إلى حدود يونيو المنصرم من هذه السنة 2010[8]. الكثير من الجماعات، لم تكن لها مخططات، إذ حوالي 80 في المائة من رؤساء الجماعات كانوا مهددين بعرض ملفاتهم على الميداوي رئيس المجلس الأعلى للحسابات، وأصبح لزاما على رؤساء الجماعات الحضرية والقروية، (221 جماعة حضرية وألف و282 قروية)، تقديم مخطط التنمية الجماعي لجماعتهم إلى مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية، قبل متم منتصف هذه السنة 2010، تحت طائلة عرض ملف المتخلفين منهم على قضاة المجلس الأعلى للحسابات، فمن من هؤلاء أوفى ومن تخلف؟
ومع تسليمنا بشرعية تدخل ممثلي مديرية الجماعات المحلية في إعداد المخططات المحلية الجماعية، فإنه على صعيد ولايات المملكة 16 لم يواكبوا عمليات إعداد مخطط التنمية الجماعي، المزمع تطبيقه على مدى 6 سنوات، إلا في عدد قليل من الجماعات، حوالي 20 في المائة من الجماعات المحلية، التي نجحت في وضع المخطط في حينه.
ويعود تخلف نحو 80 في المائة من الجماعات المحلية عن إعداد مخططات التنمية الجماعية، كما نص على ذلك الميثاق الجماعي الجديد، وقانون مالية الجماعة المحلية، إلى اعتبارات ذاتية وموضوعية.
فمن بين الأسباب الموضوعية يمكن الحديث مثلا عن: غياب أو ضعف الانسجام والتوافق بين المنتخبين والمصالح الخارجية والمجتمع المدني والخواص في كثير من الجماعات، ومن ثم غياب رؤية تشاركية في وضع المخطط، إضافة إلى غياب نظام بنك للمعطيات في أغلب الجماعات القروية، وعدم اللجوء إلى خبراء الاستشارة والحكامة من خارج مكونات المجلس الجماعي، وهي مفاتيح أساسية لإعداد " المخطط الاستراتيجي للتنمية المحلية".
أما بالنسبة للأسباب الذاتية فتتجلى في" تفشي الأمية في صفوف العديد من المستشارين المحليين، ما يعني عدم مسايرة فئة كبيرة من هؤلاء في فهم ما اجتهدت الدولة، في بلورته، تحت شعار: "برنامج الجماعة في أفق 2015.
وحتى المشرع لما أناط مسؤولية وضع المخطط على عاتق الرئيس بالدرجة الأولى، ( المادة 36 )، فإنه قد حمل هذا الرئيس عبئا أكثر مما يطيق، وكان بالأحرى أن ينص المشرع صراحة على مشاركة المجلس في إعداد المخطط تحت مسؤولية رئيسه بدل اكتفاء المجلس بالدراسة والتصويت على المشروع، ونحن نعلم، لا الرئيس، ولا المكتب، ولا المجلس، ولا كلاهما مجتمعين قادرين على وضعه، بل لا بد من إشراك الفعاليات المحلية وجمعيات المجتمع المدني، التي كانت لها عدة مؤاخذات حول طريقة إعداد المخططات الجماعية وإقصائها من المساهمة الفعلية في صياغته، باعتبارها تمثل قوة اقتراحية ينبغي توظيفها في مراحل التشخيص واقتراح الحلول، دون إغفال مقاربة النوع الاجتماعي وأهمية إشراك مختلف الشرائح الاجتماعية: كالمرأة والطفل في إنجاز هذا المخطط، وانخراط الكفاءات المحلية والقطاع الخاص في هذا المشروع.
الاقتصار على ذكر الرئيس وحده في إعداد المخطط يجعل من هذا المقتضى يتنافى جزئيا، على الأقل، مع المقتضيات التي تجعل من الرئيس الجهاز التنفيذي للمجلس، كما أن هذا المقتضى قد يؤدي إلى التلكؤ والاتكالية، خاصة عندما تكون تركيبة المجلس غير متجانسة، ينضاف إليه ضعف المستوى التكويني والجهل بإجراءات وآليات وضع المخطط بالنسبة للمستشارين المساندين للرئيس، وخاصة في الجماعات القروية، دون أن ننسى قلة الموارد البشرية لعدد من الجماعات المحلية، مع افتقاد الكثير منها إلى الأطر المؤهلة لإنجاز هذه المهمة.
فما بالك بالنسبة للجماعات التي لا تتوفر على منصب الكاتب العام أصلا؟ من يقوم بمساعدة الرئيس في تنسيق أعماله؟ المشكل قد تصبح السلطة هي البديل.
3- المقتضيات المتعلقة بالشراكة والتعاون: لا شك أن معالجة موضوع الشراكة بين الجماعات، ومع غيرها من الفاعلين الآخرين، أصبح يحظى بأهمية خاصة لدى المشرع، ويحتاج لوقفة متأنية من أجل تقييم دور الجماعات المحلية في هذا المجال. غير أنني أكتفي هنا بالوقوف عند بعض العراقيل التي لا تساعد على استعمال هذه الآلية التنموية كما يجب.
تعرف الشراكة بأنها إطار منظم بين مجموعة من الفاعلين بوضع التزامات على كل طرف فيما يخص تنفيذ وتقويم ما تم الاتفاق عليه، وهي وجه من أوجه التكافل بين مختلف المتدخلين في انجاز مشاريع حسب اهتمامهم وإمكانياتهم بما يسمح بتعبئة الموارد والكفاءات حسب إمكانية كل مساهم. وتنصيص المشرع المغربي على الشراكة وتكريس مبدأ التعاون عن طريق مجموعات الجماعات ( ف 78 )، إنما يهدف من ورائه إلى تطوير فرص التعاون بين الجماعات.
لكن بالرغم من الأهمية الكبرى التي أصبحت تلعبها الشراكة في حياة الجماعات المحلية، في مختلف النماذج العالمية، وبالرغم من توسيع المشرع المغربي لمجال التعاون والشراكة بين الجماعات[9]، وبتغيير اسمها القديم من النقابة إلى مجموعة الجماعات، وبتوسيع المتدخلين لتشمل إضافة إلى الجماعات المحلية، والإدارات العمومية، والمؤسسات العمومية، والهيئات غير الحكومية، بغرض التعاقد وتقاسم الأدوار، وبغض النظرعن النتائج التي حققتها الجماعات المحلية في موضوع الشراكة والتعاون المحلي، والمتراوحة بين القوة والضعف، حسب رغبة ومكانة كل جماعة، وموضوع التعاون (اقتصادي صناعي فلاحي اجتماعي بنية تحتية تجهيز ثقافة رياضة ...).
بغض النظر عن هذا، فإن التجربة أظهرت أن هناك معوقات وعراقيل لا بد من التغلب عليها في المستقبل القريب، من أبرزها:
- ضعف السلطة التفاوضية لأغلب المصالح الخارجية للوزارات باستثناء الفلاحة والأشغال العمومية ومصالح الماء والكهرباء، مما يطرح معه مشكل اللاتمركز.
- باستثناء الميثاق الجماعي وبعض مقتضيات دعم التنمية الاجتماعية كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لا توجد هناك قوانين تضبط هذه العملية، إضافة إلى غياب أطر إدارية للمصالح الخارجية مختصة في مجال الشراكة وغياب عقود نموذجية يعتمد عليها لصياغة عقود قانونية سليمة، ليبقى التطوع في التعاون والشراكة هو سيد الموقف.
- نادرا ما تقوم الوزارات المعنية بالشراكة بتفويض الاعتمادات الضرورية لفائدة مصالحها الخارجية لكي تتدخل هذه الأخيرة بسهولة في علاقة تعاون مع الجماعات المحلية، وتبقى مسطرة تحويل الاعتمادات داخل الميزانية العامة للدولة مسطرة معقدة
- أحيانا عندما توافق الحكومة على بعض مشاريع الشراكة مع بعض الجماعات المحلية تفرض مبلغا خياليا للمشروع ( المنفوخ )، تصبح معه الجماعة عاجزة عن توفير حصتها. وقد تتراجع عنه، خاصة إذا كانت فقيرة، بينما تسعى إلى تنفيذه الجماعات الغنية.
- جهل بعض الجماعات القروية بأهمية هذه العقود في غياب قيام المصالح الخارجية للوزارات بما يلزم من إرشاد وتوعية بالمساطر والتقنيات التي تتطلبها عقود الشراكة ومجالاتها.
- العجز المالي للجماعات المحلية التي لا تتوفر على الوسائل المالية الضرورية، الجماعات الفقيرة تعرف مسبقا أنها تعيش على مساعدات الدولة ولا يمكنها أن تسعى وراء إبرام عقود للشراكة بالرغم من الطموح الذي قد يكون متوفرا لدى مسيريها.
لتبقى الشراكة من أهم الوسائل التنموية التي تظل رهن إشارة الجماعات الميسورة، وغالبا ما ترفض الدخول في شراكة مع جماعة فقيرة مجاورة.
لذا، يبقى من الضروري توعية مسيري الجماعات المحلية بأهمية الشراكة، والبحث عن شركاء جدد. فالمطلوب من الجماعة هو أن تحمل ثقافة مقاولاتية بالبحث عن المستثمرين وتوفير أجواء الاستثمار.
المطلوب كذلك، مد المصالح الخارجية للوزارات بالصلاحيات والاعتمادات اللازمة بتوسيع نطاق اللاتركيز، ولم لا تحديد المتدخلين بحسب مجالات اهتمامهم وتدخلهم بهدف تسريع إبرام عقود الشراكة..
4- المستوى التعليمي: بمقتضى قانون 17.08 الذي ينص على منع أعضاء المجالس الجماعية الذين لا يثبتون توفرهم على مستوى تعليمي يعادل على الأقل مستوى نهاية الدروس الابتدائية من أن ينتخبوا رؤساء ولا أن يمارسوا هذه المهام بصفة مؤقتة.
هذا التنصيص الرسمي النظري، وحسب العرض الذي قدمه وزير الداخلية أمام لجنة الداخلية والجهات والجماعات المحلية بمجلس المستشارين حول نتائج الانتخابات الجماعية، جاء متطابقا رقميا من حيث توزيع النتائج حسب المستوى التعليمي كما يلي:
-المستوى الثانوي: 41 %
-المستوى العالي: 39%
-المستوى الابتدائي: 20%
-الأميون: لا أحد
- المجموع: 100% تتوفر على الشرط القانوني، أي المستوى التعليمي.
فالنتائج المعلن عنها رسميا تعكس مستوى رؤساء المجالس الجماعية في انتخابات 12 يونيو 2009، وهذا تحول نوعي جد هام ودال.
لكن الواقع يؤكد وجود حالات لا تتوفر على هذا المستوى، سواء بعلم أو بغير علم السلطة الوصية، ولعل رسالتها إلى العمال بالتساهل في شرط المستوى بقبول كل ما يثبت توفر المعنيين بالأمر على مستوى نهاية الدروس الابتدائية يؤكد هذه الحقيقة، مما يعني صعوبة التطبيق العملي لهذا المقتضى الذي اجتهد الكثير من المرشحين لرئاسة جماعاتهم في التوفر عليه.
وقد ينتهي هذا الإشكال بالانقراض الفيزيائي لهؤلاء، ونقترح أن يشترط في كل الراغبين في الترشح لتسيير الشأن المحلي، سواء كأعضاء أو رؤساء مستوى معينا من المعرفة.
5- مقاربة النوع: المقصود بمقاربة النوع في موضوعنا، هو مجال العلاقة بين الجنسين على مستوى المكانة والأدوار الاجتماعية، على أساس اعتماد مقاربة علمية تهتم بالمرأة والرجل، ولم تأت لتحجيم دور الرجل بل لتقدم عونا للأسرة والمجتمع في البيت وفي تدبير الشأن العام
فالتقسيم ( الجنساني ) للأدوار إذن بين الرجل والمرأة يعود إلى التصورات التي ينتجها المجتمع، بحكم تأثير العادات والتقاليد والثقافة السائدة، والغريب هو أنه رغم النصيب الذي تحظى به المرأة، والوجود الفعال للمرأة وتقديسها من خلال دور الأمومة، والزوجية، فإن المجتمع يرفض مساواتها بالرجل، بل قد نجد الموروث الثقافي يساهم بشكل سلبي في قضية النوع الاجتماعي، ويسيء لها مباشرة. ولعل قراءة سريعة للثقافة الشعبية لصورة المرأة نجدها صورة سلبية مختزلة ومرادفة للشيطان والشر والأفعى والعار والكيد.
ولم يظهر الاهتمام بمقاربة النوع إلا مع نهاية تسعينيات القرن الماضي وبداية العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، خاصة في الدول النامية.
يدخل موضوع إدماج النوع الاجتماعي في إطار مسلسل التخطيط والبرمجة الاقتصادية والاجتماعية والمالية ويندرج هذا المسلسل في محيط وطني إيجابي بدأ مع انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومواصلة تطبيق استراتيجية التنمية الاجتماعية المندمجة، كما يتميز بتوطيد مسلسل اللامركزية واللاتمركز وتحديث القطاعات العمومية، وتدعيم الدينامية الجديدة للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني، وانجاز إصلاحات مهمة الصحة التعليم السكن العدل مدونة الأسرة والجنسية[10]..
ومن هذا المنطلق أخذت قضية مقاربة النوع تطرح نفسها بإلحاح مع المفاهيم الجديدة للتنمية بعد خطاب الملك محمد السادس لـ 18 ماي 2005 حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وبدأ الاهتمام أكثر في التعاطي مع مسألة ضمان حقوق المرأة من خلال توسيع مشاركتها السياسية في المجالس المنتخبة وذلك تطبيقا للمبدأ الدستوري ( ف 8 ) القاضي بالمساواة بين الرجل والمرأة، وتم الاقتناع بأنه لا ينبغي أن ننظر للنساء مثل رزمة من الزهور توضع لتزيين المقام، بل على المجتمع أن يعترف بنصفه الآخر، وأن مقاربة النوع لا يمكن أن تتحقق من فوق، أي من الأعلى، بل من الأسفل من القاعدة، وذلك بتغيير الثقافة أولا حول المرأة، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وذلك من خلال التعليم والبرامج الهادفة، وليس فقط في خطاب المناسبات.
إن ملامسة هذا الموضوع، وسبر أغواره يحتاج إلى وقت لا نتوفر عليه في هذه المداخلة، ونكتفي بما أسفرت عنه الانتخابات الجماعية لـ 12 يونيو 2009، التي تمت على ضوء تعديل الميثاق الجماعي بمقتضى قانون 17.08 لنقف عند مدى نجاعة التدابير والتحفيزات المتخذه للرفع من تمثيلية النساء في المجالس الجماعية عن طريق الكوطا 12[11]%، عن طريق إحداث دائرة إضافية، ومدى الانسجام مع التوجهات الملكية الرامية إلى توسيع وعاء المشاركة السياسية للنساء في تدبير الشأن العام، والقرار المحلي على الخصوص، حيث وصل عدد الحقائب الوزارية المسندة للنساء سبع حقائب، وارتفاع عدد السفيرات المغربيات، وسحب المغرب سنة 2008 تحفظاته المتعلقة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والوقوف عند آفاق تطور مشاركتها في ارتباط بمجموعة من الإكراهات.
وعودة إلى النتائج في انتخابات 2009 نجد أنه من مجموع 14 مليون ناخب شكلت النساء 46% من الهيأة الناخبة، و نفس النسبة من المسجلين الجدد البالغ عددهم مليون وست مئة ألف، وللأرقام دلالتها.
بإحداث الدائرة الانتخابية الإضافية للنساء المتفق حولها بين الفرقاء السياسيين على مستوى كل جماعة حضرية أو قروية أو مقاطعة، وبإجراء الانتخابات، وبعد فرز الأصوات والإعلان الرسمي عن النتائج[12]، تم انتخاب: 3428 امرأة من أصل 20458 مرشحة، أي بزيادة قدرها 250% مقارنة مع انتخابات سنة 2003، وهذا تطور إيجابي في مقاربة النوع اخترق حاجز نسبة 0.53% أي 128 مقعدا.
ينضاف إلى هذا التطور الكمي، التطور النوعي، والمتمثل في ارتفاع نسبة المشاركة النسوية في تسيير المجالس الجماعية، سواء على مستوى الرئاسة أو على مستوى الهياكل، حيث حصلت النساء على رئاسة 15 جماعة، وكنائبات رئاسة على 169 مقعدا. لكن المشكل هو أنه في الوقت الذي نربط فيه تطور مشاركة المرأة بالتطور الحضري، نجد أن النساء كرئيسات للمجالس الجماعية الحضرية في المدن أقل منها في المجالس القروية في البوادي. صحيح أن عدد الجماعات القروية أكبر من عدد الجماعات الحضرية، ولكن في الإحصائيات الرسمية دائما نسمع عن أرقام متقاربة ما بين ساكنة الحواضر وساكنة البوادي، هنا: ألا يعتبر التقسيم الترابي والتقطيع الانتخابي أحد العوامل التي تساهم في إقصاء مقاربة النوع؟ كم من الجماعات المجاورة لمدن ( اشعاع ) كبيرة، ولكنها لا زالت تحتفظ بطابعها البدوي أحبت أم كرهت؟ أين التكامل بين المدينة والقرية؟
إن الرقم السابق 15 رئيسة جماعة محلية نجد من بينه 10 منهن رئيسات لجماعات قروية و5 مقسمة في المدن على 3 رئيسات لمقاطعة جماعية، و 2 منهن يترأسن جماعتين حضريتين.
+ نفس الشيء بالنسبة لنائبات الرئيس: 101 بالوسط القروي، و 68 بالوسط الحضري.
+على مستوى الهياكل ( اللجن الدائمة ) أفرزت انتخابات الهيكلة عن 645 مشاركة، إما كرئيسة للجنة دائمة، أو كنائبات رئاسة.
= كرئيسات للجن الدائمة: 276. منها: 219 بالجماعات القروية 79%، و57 فقط بالجماعات الحضرية21 %.
= كنائبات رئاسة: 369. منها: 307 بالوسط القروي 83% و 62 بالوسط الحضري 17%
بماذا يمكن تفسير هذه الأرقام: هل بالمنافسة القوية على تسيير الشأن المحلي بالمدن، بحيث لا يمكن تطبيق نظام الكوطا على رئاسة المجالس واللجان، أم بضعف التكوين والتعليم وجهل المستشارين الذكور، أو على الأقل مساواتهم مع الإناث في هذه الصفات، أم ماذا؟ أم أن مقاربة النوع لا زالت عندنا فكرة للاستئناس وكمية لا نوعية، وأن إشراك المرأة يجب أن يحقق أولا تراكمات كمية، أي مشاركة النوع على أساس عدد الرؤوس وليس وزنها، وهذا لن يحقق الهدف من إشراك المرأة في اتخاذ القرار، إلا أنه لا ينفي بوادر تطور مشاركتها، وإن ببطء، خاصة وأن مجموع النساء المنتخبات في الأجهزة والهياكل المسيرة على مستوى الرئاسة واللجان والنيابة بلغ 829، وهي نسبة 24 % من مجموع المنتخبات. وهذه النتائج مهمة وإيجابية مقارنة مع حصيلة المرأة في الانتخابات السابقة.
ومن بين الأسباب المعرقلة لإدماج النوع الاجتماعي في التنمية السياسية والمساهمة في تدبير الشأن المحلي نذكر:
- عدم وعي المرأة بحقها في المشاركة في تدبير الشأن المحلي.
- سيادة العقلية الذكورية - تفشي الأمية- إحساس المرأة بالدونية- التقاليد والعادات - الأوضاع المزرية التي تعاني منها المرأة: كالفقر والتهميش
- تبعية المرأة المطلقة للرجل- عدم تكافؤ الفرص بين الجنسين داخل الأحزاب السياسية- التبعية الاقتصادية والاجتماعية- العزلة التي يعاني منها الوسط القروي- ضعف تكوين النساء في المجال السياسي- غياب البنيات التحتية ذات علاقة بالنساء (الحاضنات)- عدم ثقة النساء في قدراتهن فيما يخص التنمية الاجتماعية- الموروث السياسي والثقافي والاجتماعي...
- الكوطا كنظام مؤقت لا يحل المشكل، ولكن يهيئ المرأة ويعدها للعمل السياسي في انتظار المناصفة، وهو يعني التمييز الإيجابي المؤقت لصالح المرأة لتعزيز مكانتها ومشاركتها السياسية، عن طريق تخصيص مقاعد للنساء في المجالس المحلية المنتخبة، ويعطي للمرأة الحق في أن تكون لها نسبة تمثيل في جميع الهياكل المنتخبة. لذا، ولتجاوز هذه المعيقات والتخفيف منها، نقدم بعض الاقتراحات:
- التحسيس والتوعية بأهمية مشاركة النساء في تدبير الشأن المحلي من طرف (المجتمع المدني، الدولة، الأحزاب السياسية، الإعلام).
- تفعيل لجنة المساواة و تكافؤ الفرص من داخل الجماعات المحلية وإعطائها الصلاحية التقريرية لا الاستشارية.- محاربة الأمية السياسية و تحسين الوضعية الاقتصادية للنساء.- برمجة لقاءات تواصلية بين الجماعات و الأحزاب.
- إعادة النظر في الترسانة القانونية الخاصة بالمشاركة في تدبير الشأن المحلي.
صعوبة استيعاب بعض المفاهيم الجديدة
المشاركة، الديمقراطية التمثيلية، الديمقراطية التشاركــية، وميكانيــزمات مشاركة المجتمع المدني والمواطنين، ومبادئ الحكامة في اتخاذ القرار المحلي.. المنهجية الديمقراطية.... هذه العبارات الطموحة والساعية إلى عصرنة العمل الجماعي، ومواكبة التطور والتنمية المستدامة، يستحيل استيعابها بالنسبة لأغلب المستشارين بالعالم القروي، من منطلق معايشتنا لهم والاحتكاك بهم، وهنا لا نلوم أحدا، ولكن نلوم الجميع، هنا اقترح البعض وضع نظام جماعي خاص بالجماعات القروية يتماشى مع مؤهلات أعضائها ومصالح سكانها، بدل الإغراق في مفاهيم عامة غامضة ومستحدثة، والميثاق نفسه يتضمن هذه الإمكانية، مثلا: إبقاء المشرع على نمط الاقتراع الفردي، التسامح في قبول كل الشواهد التي تثبت توفر السادة المستشارين على مستوى يعادل شهادة نهاية الدروس الابتدائية. ناهيك عن الاحتفاظ بأنظمة خاصة لبعض الجماعات كالجماعة الحضرية للرباط وجماعات المشور ( المواد 133-134-135-136-137-138 ) من الميثاق الجماعي الجديد قانون 17.08- 2009.
من هنا، يمكن اعتبار أسباب نزول المراجعة بإيجابياتها وسلبياتها، إنما كان من أجل، وبهدف، مسايرة المفاهيم الجديدة في تدبير الشأن المحلي في إطار المنهجية الديمقراطية التشاركية، والحكامة الجيدة، حكامة تمكن مختلف الفاعلين من المشاركة في اتخاذ القرار بما يخدم الساكنة المحلية.
لكن مواكبة هذه المفاهيم طرحت إشكالية فهمها واستيعابها، وأصبح الاهتمام بالتنمية يأخذ منحى الصيغ والأساليب، وليس الاعتماد على المضمون، هذا الأسلوب يمكن نهجه في الجماعات الحضرية لأنها تعيش الحدث وتواكب التطور، أما بالنسبة للجماعات القروية عموما، فإن النتيجة الإيجابية في أغلبها لن تكون سهلة المنال، وقد تكون مزيدا من إغراق العالم القروي في فقره بأساليب جديدة، لا ننكر أنها أساليب ديمقراطية، ولكن غير ملائمة للبيئة القروية في هذه الظروف (أمية، فقر، ضعف التجهيزات التحتية، غياب بنية التواصل، طبيعة الثقافة السائدة....) ولن تزيد سوى المتاعب للسلطات المحلية وللمنتخبين. حيث أصبح على رجل السلطة أن يقوم - إضافة إلى المسؤولية التقليدية التسيير والإدارة والتنفيذ، - بأعمال التأطير والتوجيه إلى حد تداخل الاختصاص بينه وبين المجلس الجماعي، كتأطير المواطنين، وعقد اللقاءات التحسيسية بهدف، التعريف بالمخطط الجماعي وكيفية إعداده.... والسبب في هذا العبء الإضافي، هو أن بعض هذه المفاهيم مستوحى من إفرازات الخطاب السياسي والتجارب الحزبية في المدن، إلا أن هذه الأحزاب لم تعمل على تبليغها لمناضليها في البوادي والقرى، ولم توضحها للسكان بالشكل المطلوب، وفي حينه، وهو ما يثير موضوع التأطير السياسي الحزبي للمواطنين المنصوص عليه في الدستو. ألا تطرح هنا مسؤولية الأحزاب السياسية؟ وخاصة مع إقصاء جمعيات المجتمع المدني من المشاركة العملية في تدبير الشأن المحلي، رغم أن الميثاق الجماعي يعتبرها شريكا أساسيا في التنمية ( المقاربة التشاركية )، فما بالك بإشراك السكان، وكيف سيشارك السكان باستثناء يوم الاقتراع؟.
ولندلل على ما سبق بالتساؤل عن عدد الجماعات التي استطاعت أن تضع مخططها التنموي، والجماعات المهددة بالمتابعة أمام سلطات الوصاية؟ (كما أشرنا).
وأعتقد أن مخطط التنمية الجماعية هو ذلك المركب الذي يحتوي على كل تلك المفاهيم، والرهان المطروح هو صيغة فهمها واستيعابها، وإلا لن تحقق الجماعات المحلية مسيرتها التنموية في الأفق المرسوم 2015.
المحور الثالث: قراءة قانونية سريعة لبعض الصعوبات التي يستوجب رفعها
نظرا لضيق المجال، سنكتفي في هذا المحور بقراءة كرونولوجية لبعض المقتضيات التي تحتاج للمراجعة على أمل العودة لتناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل لاحقا.
جدول يخص بعض الصعوبات التي تعرقل تطبيق بعض بنود الميثاق الجماعي الجديد ( قانون 17.08 ) 2009.
بعض بنود الميثاق الجماعي التي تكمن فيها
صعوبات التطبيق
|
الصعوبات التي تحول دون تطبيق هذه البنود
|
الحلول المقترحة لتجاوز هذه المشاكل
|
المادة 6
|
لم تتم الإشارة إلى مدة الجلسة أثناء
انتخاب مكتب المجلس الجماعي
|
يجب تحديد مدة جلسة انتخاب المكتب المسير
لأن هذا قد يخلف نوعا من الصعوبة أثناء اجتماع المجلس الجماعي
|
المادة 11
|
بعد انتخاب كاتب المجلس أو نائبه، تكمن
الصعوبة في عدم القدرة على تحرير المحاضر، وبالتالي تمتد المهمة إلى موظف، وتكون
التعويضات للكاتب مجانية دون أداء أية مهمة
|
الصعوبة أثناء اجتماع المجلس الجماعي
-إسناد مهام تحرير المحاضر إلى المجلس
|
المادة 14
|
المستهلة بما يلي (يشكل المجلس الجماعي لجانا لدراسة
القضايا وتهيئ المسائل التي يجب أن تعرض على الاجتماع العام لدراستها و التصويت
عليها)
|
سقطت العبارة (بإشراك جمعيات المجتمع المدني) في آخر
هذه الفقرة. إضافتها قد تكون مفيدة.
والتنمية المحلية عمل جماعي يستدعي مشاركة كل
المعنيين: كالسلطة المحلية والجماعات المحلية، والمصالح الخارجية، والقطاع الخاص،
والجمعيات التنموية، والتعاونيات، والمنظمات غير الحكومية، والسكان والجامعات،
والإعلام.
|
المادة 15
|
ما جدوى حضور ممثل السلطة المحلية اجتماعات
اللجان بالمجلس
|
ترسيخ استقلالية المجلس وأجهزته في اتخاذ
القرارات
|
المادة 16
|
غياب الشروط والمعايير المحددة للوضع رهن
الإشارة
|
تحديد شروط الوضع رهن الإشارة أو التفرغ
|
المادة 17
|
عدم استفادة المأجورين من أجرهم وقت العمل
أثناء حضورهم جلسات المجلس
|
يجب أن يُؤدى للمأجورين عن الوقت الذي
يقضونه في مختلف جلسات المجلس واللجان الدائمة ما يتقاضونه من أجرهم وقت العمل
|
المادة 22
|
تدخل المستشارين في التدبير اليومي، وخاصة
المنتمين للأغلبية
- في حالة وجود ممون واحد(عضو) داخل النفوذ
الترابي
|
العمل على منع تدخل المستشارين في التدبير
اليومي، وخصوصا فئة الأغلبية.
-يجب حذف هذا الفصل
|
المادة 23
|
هناك تناقض مع سلطة الحلول، وبالتالي هناك
تناقض بين المادة 23 والمادة 56
|
تبسيط المسطرة، لأنه يستحيل تطبيقها،
وبالتالي فهي تبقى فقط عصا في عجلة
|
المادة 28
|
-
عدم وضوح معنى كلمة "يعادل" على الأقل نهاية
الدروس الابتدائية
- الإنابة
المؤقتة يجب أن تكون مشترطة بمستوى تعليم الرئيس
|
يجب تحديد معنى شهادة الدروس الابتدائية
بدقة، والجهة المخول لها منح هذه الشهادة
|
المادة 33
|
-
عدم حصر الأخطاء الجسيمة الداعية إلى عزل رئيس المجلس
|
-يجب تحديد
الأخطاء التي يمكن بها توقيف أو عزل رؤساء المجالس الجماعية
يجب الاستماع إليهم أو استدعاؤهم للإدلاء
بما لديهم
|
المادة 34
|
-
عدم صدور المرسوم المحدد للتعويضات عن المهمة والتمثيل
-
التعويضات الممنوحة للأعضاء قليلة جدا
|
-
التعجيل بإصدار النصوص التنظيمية أو المراسيم
التطبيقية المحددة للتعويضات عن المهمة و التمثيل
-
الزيادة في التعويضات
|
-المادة 36
-
-
-
|
- تدور حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية
- غموض
" ...يقوم بالأعمال اللازمة لإنعاش وتشجيع الاستثمارات الخاصة، ولا سيما إنجاز البنيات التحتية، وإقامة
مناطق للأنشطة الاقتصادية، وتحسين ظروف
المقاولات، وهو تقريبا نفس اختصاص للمجالس الإقليمية (المادة 36) والمجالس الجهوية
(المادة 7)
ونفس الشيء
بالنسبة لعلاقة مجلس المقاطعة بالمجلس الجماعي المادة 99 " مناسبة الفصل في
قضايا الجوار ما هي الحدود"؟
- عدم صدور
النص التنظيمي المحدد لمسطرة إعداد المخطط في الوقت المناسب
|
- أغفلت (إشراك لجنة محلية تتكون من منتخبين، وجمعيات،
ومصالح خارجية طبقا لدليل التخطيط الاستراتيجي التشاركي) أثناء إعداد رئيس
المجلس الجماعي لمخطط جماعي للتنمية، أي قبل عرضه على المجلس لدراسته. ولم تدرج
أيضا الإشارة الصريحة إلى إدماج المقاربة النوعية، والحقوقية والتشاركية
المندمجة، والتلقائية في أفق تنمية مستديمة وفق منهج تشاركي يدمج مقاربة النوع.
- يجب توضيح وتدقيق هذه القضايا خاصة
التجهيزات التي تهم سكان المقاطعة ولا
تهم مقاطعتين أو أكثر "لمجلس المقاطعة الفصل في قضايا الجوار من خلال
مداولاته لكن كلمة قضايا الجوار غامضة لا بد من تحديدها"
- إصدار النصوص التنظيمية والمراسيم
التطبيقية لتفعيل مقتضيات الميثاق برمته
|
المواد: 45-46-47-48-49-50
|
تداخل الاختصاصات، خاصة في تلك البنود التي
تتعلق بميدان الشرطة الإدارية، بحيث نجد أن نفس الاختصاصات توجد لدى رجال
السلطة، ولهذا نجد في الواقع تقاعس كل واحد من هؤلاء على أداء الاختصاصات
المنوطة به، أو هيمنة جهة على أخرى.
|
يجب تحديد اختصاصات كل مسئول على حدة في
ميدان الشرطة الإدارية، حتى يتسنى لكل واحد معرفة الدور المنوط به.
|
المادة 51
|
-
في هذا البند يحق للرئيس أن يفوض لموظف أو عضو جماعي
التوقيع على جميع وثائق الحالة المدنية حتى يتمكن المواطنون من تسليم وثائقهم في
أقرب وقت ممكن
-
يعتبر المنتخَبون بصفة عامة من بين الصعوبات التي تحول
دون تطبيق بنود الميثاق، بالخصوص بند 51 الحالة المدنية، والمادة 32 التي تتحدث
عن تسليم الوثائق للمعني بالأمر دون غيره أو من يوكله على ذلك، في حين أن الرئيس
المباشر للموظف تمارس عليه في أغلب الأحيان ضغوطات من أجل تسليم الوثائق ومخالفة
هذا المقتضى القانوني في كثير من الأحيان
-
نظام التفويض
سيخلق الحزازات والصراعات حول
القطاعات، مع العلم أن كل مرافق الجماعات لا يجب اعتبارها مصدرا لضخ الربح بل
مسؤولية ونزاهة وأخلاق.
|
للموظفين الجماعيين العاملين في قسم الحالة
المدنية الأولوية في إسنادهم هذه المهمة لكونهم أدرى من غيرهم بتلك المسؤولية،
ويستحسن إحداث تعويض خاص عن المسؤولية واعتبار العمل في ميدان الحالة المدنية
ضمن الأعمال الشاقة.
-
الحل في نظر بعض الموظفين الجماعيين كممارسين ميدانيين
هو ضرورة الفصل بين العمل السياسي والعمل الإداري تفاديا لاستبداد الرئيس بموظفي
الحالة المدنية ولكي لا يكونوا تابعين
لسلطته بشكل أعمى في غياب النصوص التطبيقية وذلك ضمانا للقيام بعملهم في أحسن
وجه، أو إصدار قانون أساسي يحميهم، ولم لا أن يكونوا تابعين لوزارة العدل.
-
المطلوب هو التوازن في تحديد المسؤوليات
|
المادة 54
|
عدم صدور المرسوم المحدد لشكليات التعيين
في الوظائف العليا أيضا التعويضات الخاصة بهذه الفئة
- هناك صعوبة تسيير رئيس المجلس بكيفية
سليمة للمصالح الجماعية وذلك في غياب الوعي والتكوين اللازم
|
التعجيل بإصدار هذا المرسوم
-تهيئ برنامج خاص لتكوين الرؤساء الجماعيين
في ميدان التسيير الإداري حتى يتمكنوا من معرفة جميع الجوانب الإدارية المتعلقة
بتسيير المصالح الجماعية
|
المادة 54 مكررة – 55
|
- بموجب
المادة 55 يمكن للرئيس أن يفوض إمضاءه إلى الكاتب العام ورؤساء الأقسام والمصالح
الجماعية. والمادة 54 مكررة تشير علاوة على اختصاصات التسيير الإداري للكاتب
العام، لديه مهمة تحضير ومسك الوثائق. ويترتب عن المادتين 54 مكررة و55 بعض
التنازع في الاختصاص بين الكاتب العام الذي فوض له كغيره من الموظفين ورؤساء
الأقسام والمصالح، وبين مقتضيات المادة 54 الذي أوكلت له مهمة التسيير الإداري
- وبالتالي فهناك تداخل اختصاصات الكاتب
العام مع اختصاصات رئيس المجلس الجماعي، وهذا يخلق نوعا من عدم استقلالية
الإدارة عن الجهاز التداولي
|
- يجب
إصدار دوريات لتحديد أدوار التسيير الإداري لكل من الكاتب العام ورؤساء الأقسام
والمصالح
- ضرورة منح الكتاب العامون للجماعات (
حضرية وقروية ) التعويض عن المهام بالتساوي وبدون تمييز ما دام أنهم يخضعون لنفس
التكوين والتأهيل
- يجب تحديد الاختصاصات والفصل بين مهام
الرئيس ومهام الكاتب العام، وحماية وتقوية استقلالية الإدارة الجماعية عن سلطة
رئيس الجماعة
|
المادة 56
|
إذا تغيب الرئيس أو عاقه عائق لمدة طويلة:
المشكل هنا هو عدم تحديد مدة الغياب ويبقى عرضة للتأويل
|
تحديد مدة الغياب بممارسة مهام الرئاسة
بالنيابة
|
المادة 59
|
تضييق نسبي على المستشارين والمعارضة بخصوص
اقتراح نقط جدول الأعمال،فأثناء غيابهم قد لا يكونون على علم باجتماع المكتب
الذي يمكن أن يجتمع في أي وقت من الدورتين لإعداد جدول الأعمال وتوجيهه إلى
السلطة المحلية قبل 3 أيام على الأقل.
|
كان بالأحرى أن ينص المشرع أن يوجه الرئيس
طلبا للمستشارين قصد إدراج كل اقتراح أما الاكتفاء بالمبادرات الذاتية ( فردية
أو جماعية ) بطلب إدراج نقطة تدخل في اختصاص المجلس، قد لا تكون دائما متوفرة من
حيث الوقت
|
المادة 60
|
عدم تحديد حد أدنى للنصاب في حالة الانسحاب
الجماعي.
|
يجب أن يوضع حد أدنى للنصاب في حالة الانسحاب
الجماعي مثلا حتى لا يتم استغلال هذا الوضع لتحرير قرارات تُتخذ من طرف فئة جد
قليلة
|
المادة 74
|
الوصاية على أعمال المجلس الجماعي: يمكن
الإعلان عن بطلان المداولات في كل وقت. هذا الإجراء غير محدد المدة من شأنه أن
يمس استقرار المعاملات، ويمس بحقوق الأطراف حسني النية، إضافة إلى كونه إجراء
إداري
- مشكل الوصاية
|
اللجوء إلى القضاء، خاصة وأن مقررات المجلس
تخضع للنشر مدة8 أيام، وأن السلطة الوصية لها اطلاع قبلي وبعدي من خلال جدول
الأعمال، ومن خلال نص القرار الذي يُوجه إليها ضمن محضر الدورة
- تقليص الوصاية
|
المادة 80
|
يمكن للوزير أن يقرر الانضمام التلقائي
لجماعة إلى مجموعة الجماعات، وكذا شروط مساهمة الجماعات المعنية في المجموعة
|
إن هذا الإجراء لا يدخل ضمن الإجراءات
الوصية، يمكن إدراج نقطة بجدول الأعمال، والوصاية على أعمال المجلس، بل هو إجراء
توجيهي وهو ما يعرف بوصاية الملاءمة، ويحد من حرية اختيار المجلس
|
المادة 102
|
صلاحيات العمال
|
يجب مراجعتها[14]
|
خاتمة
بعد هاتين القراءتين السريعتين لبعض مقتضيات الميثاق الجماعي المحلي المغربي والتي تجد صعوبة في التطبيق على أرض الواقع، يبدو أن هناك سؤالا منهجيا يفرض نفسه على كل باحث وهو يناقش موضوع " الميثاق الجماعي "، باعتباره مؤطرا للديمقراطية المحلية، وهو كالآتي: ما هو نمط التغيير المطلوب لإصلاح الديمقراطية المحلية ؟ وبصيغة أشمل، ما العمل لإصلاح الديمقراطية إذا ما أصبحت غير صالحة؟
إن الجواب عن هذا السؤال يتم حسب التجارب المقارنة من خلال ثلاثة أشكال:
1 _ التغيير الجذري، وهو الذي تبنته الأنظمة الثورية بشكل عام.
2 _ التغيير الديمقراطي، وهو الذي تبنته الأنظمة الأوربية الغربية.
3 _ التغيير التدريجي أو المعتدل، وهو الذي تبنته وتتبناه بعض الدول المعتدلة في الدول النامية.
باستحضارنا لهذه النماذج نجد أن المغرب يندرج ضمن خانة النموذج الثالث" نمط التغيير التدريجي " لانسجامه مع مقومات المغرب التاريخية والثقافية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وذلك من خلال إدخال تعديلات وروتوشات على قوانينه ومؤسساته، لتنسجم مع تطور المجتمع وحاجياته ومتطلباته المتزايدة، من مخططات وبرامج من جهة، ولمسايرة التطور التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي من جهة ثانية..
ولعل الإصلاحات التدريجية التي عرفها التنظيم الجماعي المحلي بالمغرب منذ الاستقلال إلى اليوم خير دليل على إتباع ذلك النهج، ليبقى الطريق الوحيد لإصلاح الديمقراطية عندما تفسد هو مزيد من الديمقراطية.
ـــ***ـــ**ـــ
[1] - والذي صدر في الجريدة الرسمية عدد 5711 بتاريخ 23 فبراير 2009. للإشارة من أجل تفعيل موقع الجريدة الرسمية للجماعات المحلية وتيسير الاطلاع عليها وتحيينها، تم إحداث الجريدة الرسمية للجماعات المحلية بموجب القانون رقم 47.96 المتعلق بتنظيم الجهات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.84 بتاريخ 23 من ذي القعدة 1417 ( 2 أبريل 1997) .
وقد تم وضع الإطار التنظيمي للجريدة بمقتضى المرسوم رقم 688-05-2 الصادر في 22 من ربيع الأول 1427 (21 أبريل 2006).
تهدف الجريدة الرسمية للجماعات المحلية، التي تصدر كل شهر في طبعة واحدة باللغة العربية، إلى إخبار المواطنين بالقرارات الصادرة عن الجماعات المحلية وهيآتها وعن سلطات الوصاية، وتعنى على الخصوص بنشر القرارات التي تهم الميادين التالية: - حفظ الصحة العمومية؛ - حماية البيئة؛ - التعمير و البناء؛ - تنظيم المهن؛- احتلال الملك العمومي الجماعي؛ - تفويت الأملاك الجماعية؛ - إحداث المرافق العمومية و طرق تدبيرها؛ - تنظيم السير و الجولان؛- الإعلانات المتعلقة بالصفقات العمومية للجماعات المحلية.... وغير ذلك من الميادين التي تمس، بشكل مباشر أو غير مباشر، الحياة اليومية لجميع الأشخاص المستقرين بأرض الجماعة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين.
ومن ثم فإن الجريدة تشكل وسيلة جد مهمة لإطلاع المواطنين على حقوقهم و واجباتهم و أداة عملية للمستثمرين و لشركاء الجماعات المحلية من جمعيات وفاعلين، و كذا للباحثين والمهتمين بالشأن العام المحلي. للتوضيح أكثر بخصوص احداث الجريدة الرسمية للجماعات المحلية " رسالة الجماعات المحلية " - نشرة إخبارية تصدرها وزارة الداخلية – عدد رقم 11- 2004 ص: 2.
[2] - ولذلك يمكن القول بأنه لأول مرة تم الإقدام على مراجعة الميثاق الجماعي لسنة 2008 بعد سلسلة من المشاورات التي نظمتها المديرية العامة للجماعات المحلية، وذلك بغية الوقوف على الاختلالات التي عاقت ميدانيا التدبير العادي والطبيعي للمجالس . واستدعت لهذا الغرض كلا من الفاعلين السياسيين، والمجتمع المدني، وأساتذة جامعيين، بغض النظر عن مدى الأخذ بالآراء والاقتراحات التي أغنت النقاش خلال الاجتماعات الوطنية والجهوية التي لم تجد صداها في الميثاق عندما كان مشروعا.
[3] - وأشارت "الأغلبية" إلى الإيجابيات التي عززت مقتضيات هذا المشروع والمتمثلة على الخصوص في اعتماد نظام جديد لانتخاب رئيس المجلس الجماعي بحثا عن أغلبية قوية ومنسجمة تؤدي إلى استقرار المجلس، وإيلاء أهمية كبرى للتخطيط الاستراتيجي لوضع برامج ومخططات على مدى ست سنوات يتم تحيينها كل ثلاث سنوات، إضافة إلى تكريس وحدة المدينة، وإمكانية إحداث هيئة جديدة تدعى مجموعة التجمعات الحضرية تمكن ساكنة الجماعات المتجاورة من الاستفادة في أحسن الظروف من خدمات المرافق العمومية.
[4] - أنظر المحور الثالث الموالي.
[5] - ينص الفصل الحادي بعد المائة من الدستور المغربي على " تنتخب الجماعات المحلية مجالس مكلفة بتدبير شؤونها تدبيرا ديموقراطيا...."
[6] - حيث سبق لوزير المالية والخوصصة السابق السيد فتح الله ولعلو سنة 2007 أن قال: إن الوزارة "ستقترح، بتنسيق مع وزارة الداخلية، الزيادة في تقليص الوصاية المالية بشكل تدريجي" وذلك في إطار مشروع إصلاح شامل للتنظيم المالي للجماعات المحلية. وهكذا، أوضح السيد ولعلو، في معرض رده على سؤال شفهي بمجلس المستشارين حول "المفهوم الجديد لوزارة المالية من أجل ممارسة سلطة الوصاية المالية على الجماعات المحلية"، أنه يمكن التخلي في مرحلة أولى عن مصادقة وزارة المالية على بعض القرارات التي تكتسي طابعا استراتيجيا كالقرارات الجبائية التي تحدد نسبة الرسوم والجبايات المستحقة للجماعات المحلية وقرارات تحويل حصة الضريبة على القيمة المضافة (الحصة الإجمالية المفتوحة بالميزانية).
وذكر الوزير بالتوجه الذي اعتمدته السلطات العمومية منذ الخطاب الملكي السامي حول المفهوم الجديد للسلطة والذي تبلور من خلال الرسالة الملكية الموجهة للوزير الأول بخصوص التدبير اللامتمركز للاستثمار والتي أعطت للولاة والعمال صلاحيات واسعة في مجال التنمية المحلية والاستثمار الجهوي خصوصا في مجالات الصفقات العمومية المبرمة من طرف الجماعات المحلية والتي تقل قيمتها عن10 ملايين درهم.
كما أشار إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة ووزارة المالية والخوصصة من أجل تقويم مراقبة النفقات العمومية حيث تعمل على اعتماد مفاهيم جديدة ترتكز على النتائج وعلى معايير النجاعة في تدبير الشأن العام، مشيرا في هذا الصدد إلى الاعتماد على تحميل المسؤولية للآمرين بالصرف في تدبير المرافق التي يسهرون عليها وذلك بالتخلي عن مراقبة عتيقة تعتمد التأشير في كل مراحل النفقات العامة.
[7] - المادة 36 من الميثاق الجماعي الجديد 17.08- 2009
[8] - حسب التصريح الذي أدلى به نور الدين بوطيب، الوالي المدير العام للجماعات المحلية، عقب تعيينه في هذا المنصب، خلال تقديمه لهذا البرنامج، (مخططات للتنمية المحلية) بطنجة، أن الجماعات مدعوة إلى وضع مخططات للتنمية المحلية، قبل يونيو 2010، وإلى تفعيل استراتيجية التنمية الحضرية، نظرا للاتساع المطرد للنسيج الحضري.
[9] - بتخصيصها بابا سابعا خاصا ( ف 78 ).
[10] - أنظر للتفصيل مقاربة النوع الاجتماعي التقرير الاقتصادي والمالي 2006
[11] - هو نظام تحفيزي فقط وليس أداة مساواة وذلك في انتظار المناصفة كما تطمح إلى ذلك الجمعيات النسائية والمنظمات الحقوقية الداعمة لها.
[12] - من طرف شكيب بنموسى وزير الداخلية السابق في اليوم الموالي للانتخاب في ندوة صحفية ( أي السبت 13 يونيو 2009 ) أن ثمانية أحزاب من أصل 30 حزبا متنافسا في الانتخابات الجماعية التي نظمت أمس ( 12 يونيو 2009 ) حصلوا على 90 في المائة من مجموع المقاعد المتبارى بشأنها، وجاء ترتيب هذه الأحزاب على الشكل التالي:
1- الأصالة والمعاصرة 6015 مقعد بنسبة 25.7 بالمائة
2- الاستقلال 5292 مقعد بنسبة 19 بالمائة
3- التجمع الوطني 4112 مقعد بنسبة 14.8 بالمائة
4- الاتحاد الاشتراكي بـ 3226 مقعدا بنسبة 11.6 في المائة
5- الحركة الشعبية 2213 بنسبة 8 بالمائة
6- العدالة والتنمية 1513 مقعد بنسبة 5.4 بالمائة
7- الاتحاد الدستوري 1307 مقعد بنسبة 4.7 بالمائة
8 - التقدم والاشتراكية 1102 مقعد بنسبة 4 بالمائة ,
أما بالنسبة للأحزاب التي حصلت على أقل من 4 في المائة فكان ترتيبها طبقا لنشرة وكالة المغرب العربي للأنباء كما يلي:
. جبهة القوى الديمقراطية: 678 مقعدا (4ر2 بالمائة) 177 ألف و20صوتا(9ر2 في المائة)
` تحالف اليسار الديمقراطي: 475 مقعدا (7ر1 بالمائة) 133 ألف و956 صوتا (2ر2 في المائة)
` الحركة الديمقراطية الاجتماعية: 319 مقعدا (2ر1 بالمائة) 87 ألف و645 صوتا (4ر1 في المائة)
` حزب العهد الديمقراطي: 294 مقعدا (1ر1 بالمائة) 77 ألف و875 صوتا (3ر1 في المائة)
` الحزب العمالي: 288 مقعدا (1 بالمائة) 102 ألف و457 صوتا ( 7ر1 في المائة)
` حزب التجديد والانصاف: 181 مقعدا (7ر0 بالمائة) 69 ألف و694 صوتا (1ر1 في المائة)
` حزب البيئة والتنمية المستدامة : 106 مقعدا ( 4ر0 بالمائة) 40 ألف و665 صوتا(7ر0 في المائة)
` الحزب المغربي الليبيرالي : 90 مقعدا 3ر0 بالمائة), 33 ألف و960 صوتا(6ر0 في المائة)
` حزب الوحدة والديمقراطية: 84 مقعدا(3ر0 بالمائة) 32 ألف و44 صوتا (5ر0 في المائة)
` حزب الاصلاح والتنمية: 82 مقعدا (3ر0 بالمائة) 34 ألف و886 صوتا(6ر0 في المائة)
` الحزب الاشتراكي 81 مقعدا( 3ر0 بالمائة) 32 ألف و979 صوتا (5ر0 في المائة)
` حزب القوات المواطنة : 47 مقعدا (2ر0 بالمائة) 26 ألف و760 صوتا ( 4ر0 في المائة)
` حزب الوسط الاجتماعي: 47 مقعدا(2ر0 بالمائة) , 20 الف و 416 صوتا(3ر0 بالمائة)
` حزب النهضة والفضيلة: 30 مقعدا (1ر0 بالمائة) 22 الف و 982 صوتا (4ر0 بالمائة)
` حزب العمل الوطني : 23 مقعدا (1ر0 بالمائة) , 12 الف و 814 صوتا (2ر0 بالمائة)
` حزب العمل: 21 مقعدا (1ر0 بالمائة) , 12 الف و 965 صوتا (2ر0 بالمائة)
` حزب الأمل: 14 مقعدا (1ر0 بالمائة) 14 الف و 318 صوتا (2ر0 بالمائة)
` حزب المجتمع الديمقراطي: 12 مقعدا ,(0ر0 بالمائة) , 4273 صوتا (1ر0 بالمائة)
` حزب الحرية والعدالة الاجتماعية : 7 مقاعد , 11 الف و 166 صوتا (2ر0 بالمائة)
` حزب الاتحاد المغربي للديمقراطية : 7 مقاعد (0ر0 بالمائة) 5745 صوتا(1ر0 بالمائة)
` اللامنتمون : 72 مقعدا (3ر0) 39 الف و 909 صوتا (6ر0 بالمائة)
[13] - إن الإصلاحات المطلوبة يفترض أن تراجع الصلاحيات الموكولة للولاة والعمال وخاصة ما هو منصوص عليه في المادة 102 من الدستور، ف"العمال يمثلون الدولة في العمالات والأقاليم والجهات، ويسهرون على تنفيذ القوانين، وهم مسئولون عن تطبيق قرارات الحكومة كما أنهم مسئولون لهذه الغاية عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية".
إن هذا يعني أن الدولة توجد تحت تصرف العمال وسلطتهم أكبر من سلطات الحكومة نفسها، وهو ما يقتضي المراجعة لأن سلطاتهم لا تنسجم مع منطق بناء الجهوية الموسعة، وذلك بغية خلق توازن بين السلط في الجهات مع الإقرار للجهة بصفتها التمثيلية ومنحها سلطة التقرير والتنفيذ.
[14] - إن الإصلاحات المطلوبة يفترض أن تراجع الصلاحيات الموكولة للولاة والعمال وخاصة ما هو منصوص عليه في المادة 102 من الدستور، ف"العمال يمثلون الدولة في العمالات والأقاليم والجهات، ويسهرون على تنفيذ القوانين، وهم مسئولون عن تطبيق قرارات الحكومة كما أنهم مسئولون لهذه الغاية عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية".
إن هذا يعني أن الدولة توجد تحت تصرف العمال وسلطتهم أكبر من سلطات الحكومة نفسها، وهو ما يقتضي المراجعة لأن سلطاتهم لا تنسجم مع منطق بناء الجهوية الموسعة، وذلك بغية خلق توازن بين السلط في الجهات مع الإقرار للجهة بصفتها التمثيلية ومنحها سلطة التقرير والتنفيذ.
ليست هناك تعليقات:
التعليقات تنشر بعد المراجعة و المصادقة من طرف المشرف